Wednesday, September 02, 2009

كسولة

4
فتحت عيني بصعوبة بالغة هذا الصباح ، او في الواقع افتحها بصعوبة بالغة كل صباح، انا من الكائنات التي تنام ثم تقوم وليست التي تقوم و من ثم تنام، و يعني ذلك انني انام في وضعي العادي واقوم اذا اظطررت لذلك :الاسم العلمي: كسولة.

تقلبت الى اليمين لكي احاول ان يستسلم جسدي للنوم مدة اطول ،و لكن جافاني ذلك اذ استقبلت خبطة من ابني الصغير في وجهي و بعدها مباشرة تقلب الكبير فوق بطني مما اطار كل الفلول المتناثرة من النعاس من مخي، فكرت في الصراخ فيهم و ازاحتهم الاثنين و لكن حرام فهم نائمون.

احترم النوم لدي ولدى الاخرين ، انه المهرب المثالي من كل مشاكل و قلاقل و سلاسل الحياة..هو المكان الذي لا يحتاج لتذكرة و لا مواصلات و لا حجوزات للانفلات من قيود الحياة والاحبة الطغاة و اللجوء السياسي النومي - ا ن جاز التعبير - الى ما وراء الحقيقة و بعد الخيال، الى ادغال عقلك و خفايا احلامك التي لا يطلع عليها انسان.

يعتبر الجميع النوم وسيلة لراحة الجسد والعقل و اعتبره انا وسيلة لاخلاء سبيل العقل ليعمل بكل طاقاته في تصور كل ما يجب ولا يجب ،و كل المشاكل و كل الحلول ،و كل ما مر بي صباحا ومساء من دقيقة و من سنين، تتذكر الاحبة الراحلين و ترى من تكره من العدويين، يدخل ابطال القصص و الخرافات مع الافلام والمسلسلات، و ترى اشياء لم ترها من قبل و قد تقابل من ستراهم في مستقبلك كذلك.

المهم، فتحت عيني المرهقتين دائما..وجدت عينا ابني الكبير ترمقاني بنظرة محبة خالصة لا تشوبها شائبة -رغم خلافاتنا المصحوبة بقذائف كلامية صاخبة و بعض التصويبات الماكرة من اى اداة تصلح للتعذيب و اجدها في متناول يداي- و ذلك ان هذا الولد يصحو متبسما سعيدا مشرقا حتى لو نام باكيا صاخبا ، مما يحببني في رؤيته حينئذ ، و يبدو ان نظام برمجة عقله يمسح اثناء النوم كل شئ الا السعادة فهنيئا له.
ضحك في وجهي فأفتر ثغري - بالنحوي - عن ابتسامة ملتصقة الشفاه و عينان لا تفتحان و لكنه تقبل التعبير الذي يصلح لافلام الرعب زمان بوصفه معتاد على شكل امه - يا عين امه- و ضحك فرن صوته و بلا مبالغة : رقصت الحيطان و ازداد ضوء الصباح قوة كأنما الواط ارتفع في كهرباء السماء، و رضيت عن نفسي و عن الحياة لوهلة قصيرة و لكن ذات شأن.

رفعت رأسي و نظرت في المرآة فوجدت شخصا ما يبدو انه انا ينظر لي باندهاش شديد..كيف و متى وصلت هنا ؟؟؟ الم اكن بالامس القريب - كما يقول منير - عندي عشرين عشرين؟؟؟ و قفز الى رأسي احتمال وارد ان استيقظ في الغد عجوز بلا اسنان و اولادها تاهوا في الزمان ،و انظر في مرآة المستقبل الطائرة على الهواء فأجد ذلك الهراء .. استعذت بالله على الصبح و قررت ان انسى كل ما فكرت فيه و التفت الى الطقوس الصباحية العادية.
و كما يقول احد الاعزاء - ما الحياة الا احاديث الصباح و المساء و لا جديد تحت هذه الشمس كما لا يوجد قديم كذلك ، و تلك معجزة الخلق ...كله هو هو، ولا دايم الا هو، و مع ذلك مافيش و لا بره شبة برة ،و لا جوه شبه جوه.. و سبحان الله.

No comments: