حديث التحرش حديث ذو شجون، حيث يعبر هذا السلوك المقيت عن غياب تربية المنزل والمدرسة و المجتمع و الخطاب الديني و كل موروثات الشعب كافة ، و يعد انحراف كل تلك القيم عن هدفها من تشذيب و تهذيب النزعات الحيوانية الدنيئة لدى شبابها سقوطا مدويا لمنظومة الشعب المصري الأخلاقية كلها.
و لكن وبالرغم من التأكيد على ذلك، تبقى الثورة المصرية في 18 يوما كاملة تكللت بالجلال والجمال مؤشرا شديد الوضوح ان القيم باقية تحت السطح الشعوري مباشرة و لكن المنظومة التي يعيش فيها الفرد المصري تدفعه دفعا يوميا و لحظيا ، جسديا، و عقليا ،و عصبيا لاستدعاء أحط و أقذر و أبشع ما في ضميره و استبعاد كل جميل فيه نتيجة – لا لانحطاط فيه هو ذاته بل - للظروف الموجودة خارج الميدان كل ساعة و كل يوم على عكس داخل الميدان الذي قال من كان فيه ان حدوده اشتملت على رفعة الإنسان في اجلي صورها حتى ظن كل منهم انه دخل الجنة و شعر بها عند أطراف أنامله وفي روحه.
كان ذلك الشعور الراضي و استمر طالما كان الفرد داخل هذا الميدان الذي سيذكر اسمه في التاريخ بجانب معالم مثل الهرم، والاوليمبوس ،و اللوفر ،و برج لندن ، و كلها معالم على عظمة الإنسان و تاريخه التلبد في إيجاد نفسه كلما غمت عليه و بعدت عنه مفاهيم الحرية والكرامة و رفعة الهمة و الإيثار والإيمان والرحمة .
سوف يذكر الميدان معها جميعا ان لم يسبقها – وسوف يفعل – بخلوه من الدموية والحقد والاستعلاء والجبروت و كذب الذقون الضالة المضلة و الكهنة أصحاب السبوبة، و تدخلات المناظرين وكذابي الزفة .
ذلك حيث احتل الميدان الصادقون العزم، الأقوياء الشكيمة، النبلاء المقصد، فلم يدعوا فيه موقعا لمدلس أو حقير.
تجلي في الميدان كل ما في الإنسانية من نبل فاحتضنته الإنسانية من الرياض حتى تومبوكتو، ومن أصقاع أمريكا حيث تغني الأطفال الشقراوات "الشااب يريد اسقاط النزام" و حتى فلسطين التي غنى أهلها فرحا بمصر و أهلها و فرحا به و بما يثبت لها من دوام الجمال في الأرض حتى يرثها خالقها ان شاء الله حتى و لو بدا ان سيطرة قطعان المخربين و بائعين السلاح و تجار الدعارة و المتاجرين بالأحلام قد فشت حتى لم تدع لغير قيمها العجفاء مكان.
غنت الأرض في احتفال غير مسبوق في التاريخ الحديث مع شعب مصر الغلبان الطيب الذي يبدو ذليلا و تجمعت عليها مباءات الشر جميعا من إعلام حقير و إعلام ديني مضلل غائب أو مغيب و شيوخ تضل و لا تهدي و تتحدث عن الرداء لا الكرامة و عن الشكل لا الوحدانية و قداسة الإنسان، و عسكرة طالت كل مناحي الحياة المدنية حتى دمرتها و فساد نما في حضن كل ذلك فران على المشهد المصري الكساد و الفساد و ذل العباد حتى يئس منهم القاصي والداني . فإذا بأجمل شعوب الأرض – حقا مثبتا بالصورة والصوت و الإصرار و الحرية والجمال و الرقص و الغناء و القرآن والإنجيل في أيدي الإخوة في الميدان – ينتفض في ليلة عادية ككل ليلة صارت هي الليلة التي تتغني به المعمورة كلها فيبصر في نفسه الهمة والكرامة والعزة و القدرة ، و يعرف انه تم تدجينه على يد حكم عسكري غاشم من 52 حتى صار كل الفخار للدبورة والكاب و صار الشعب زمرا من الكلاب التي يتم سحلها لينام السلطان اشتراكيا أو انفتاحيا أو بلادة و غباء هو مصر و كفي، عرف الشعب الآن انه موجودة وفاعل و مرعب لحكامه و حاكميه و أمريكا و إسرائيل والغرب والخليج و العالم بأكمله و رغم كل هؤلاء ، فهو الأقوى و هو قادم .
نعود للتحرش الذي لا يمكن النظر له خارج هذه المنظومة.. ليس سلوك شعب بل سلوك امة مقهورة و سباع تعرف أنها صارت صراصير فتحاول التعامل كالأسود كلاما فتشعر بضعتها حيث يركبها بعض الديابة يوميا بلا اعتراض فتتصرف كالصراصير والخنافس و تخرج أوسخ ما فيها حتى تنتقم من نفسها التي تعرف أنها ظلمتها و أنزلتها منازل الذي ظلموا أنفسهم. التحرش عرض لمرض الم بمصر منذ زمن و هو ازدواجية المعايير وتسلل مظهرية الديانات و إهمال جواهرها و التشدق بالحرية و تجاهلها التام و سيطرة أخلاق البترول و هي افعل ما شئت و لكن من تحت لتحت ، تحرش و اقتل واسرق و كن فردا من العصابة و لكن لا تتحدث عن السلطان أو شيوخ السلطان أو بترول السلطان أو قصور و جواري السلطان ، و سوف ينعم عليك السلطان ببعض البيوت والنساء و الاستهلاكيات و غيرها حتى تعيش كالسائمة أو اقل شوية، سادت شرائع البترول و ضاعت آداب المدنية و الاحترام التي أتى بها الإسلام قبل غيره و تم استبدالها بعادات بدوية و تحقير المرأة و تدني العقول و تفجير الغرائز و اعتبار كل مخطئ معذور خاصة لو رجل و تحرش بامرأة حيث ان من لا تريد ان يتم التحرش بها عليها البقاء في المنزل ، و بذا صار التحرش مخرج محلل اجتماعيا و ثقافيا و إنسانيا و دينيا كذلك فهاج و ماج و صار معضلة ولم ير المصريون حقيقتهم حتى قامت الثورة لتريهم حقيقتهم..لسنا بلدا نفطيا بدويا تلبس الإسلام بماله و قدراته البترولية حتى جعل عاداته و تقاليده العجفاء هي الإسلام السمح و مسخ بها الدنيا باجمعها و العياذ بالله . بل كان إسلامنا و منهجنا في فهم الكتاب و السنة دوما الارحم والأوسع و الأروع في التاريخ ، ويجب ان نعود لها .
مجمل الحديث هو ان التحرش شئ عارض على الشعب ككل و سيختفي مع اختفاء البداوة و الغباء المنتشرين في مصر، و مع استتباب العدالة الاجتماعية والتعليم الصحيح و فتح مجال الحوار و انتشار التسامح والمحبة بين الأفراد كما كان الحال قبل ذلك.
لا ألوم الشعب بل ألوم الحكم العسكري البوليسي الجاهل المتعجرف المتسلط الذي جرف عقل الشعب و سمح باستيلاء أمراء النفط على عقولهم من خلال شيوخ تحب الثريد و امتطاء العبيد ولا تعرف من الله سوى الغضب و السوط و عبادة أولى الأمر ، أما الرحمة والعدل و المساواة و الحرية و كلها مقومات إسلامية فلا يعرفون عنها شيئا بالمرة . عندما تنصلح مصر سياسيا و بالتالي فكريا و عقائديا و علميا فسوف تختفي الظاهرة كأن لم تكن و تبقى في حدود أخطاء شخصية لفئة ضالة تجدها في كل مجتمع على مر التاريخ و يتعامل معها المجتمع بالغلظة والتعزير الواجبين حتى تختفي كليا .
كانت تلك شهادتي عن التحرش الذي كان بمصر و أهلها قبل نساءها بكثير بكثير .
1 comment:
انا برده مؤمن زيك انها ظاهرة عارضه وشويه وهتختفي
انا متفاءل بمصر بعد الثوره
وحاسس ان ال30 سنه زباله هيتمسحو بسرعه
Post a Comment