Saturday, June 04, 2011

سلاما على خالد سعيد

لو خالد اتكلم :

خدي يا مصر حياتي ،بس سيبي وشي سليم..
خللي امي و اختي و خالي يشوفوني في كفني وسيم...
. ضحي بي لديابتك و حيتانك و المخبرين...
بس افضل حتة واحدة .. حتة مش حتتين...
خدي يا مصر كرامتي و ضحكي و دمي الرخيص
... بس سيبي راسي سليمة و حياة سيدنا البوليس...
ما تكسريش عضامي و تخلعي سناني ..
و ترميني في الشارع...
هل ده طلب عويص؟؟؟؟



يوم 6 يونيه 2010، مات شاب عادي من الطبقة المتوسطة في احد شوارع كليوباترا في الإسكندرية، و بعد يوم نشرت الجمهورية في ركن قصي في زاوية 6 اسطر عن وفاة تاجر مخدرات متأثرا ببلع لفافة بانجو بعد مقاومته للسلطات في كليوباترا.
قرأت هذين السطرين و انتقلت لخبر آخر يتعلق بالزمالك و مصائب التحكيم التي تضيع حقه سنة ورا سنة ،و نسيت الموضوع برمته ، فمقتل اي مصري على يد الشرطة معتاد لدرجة تجعل الإنسان محصن من الغضب لها أو عليها، تحمد الله انك لست هو و ليس احد أحبائك و كفى.

بعد مرور بعض الأيام فوجئت بصورة بشعة - مع العلم إني طبيبة و البشاعة عادية عند الأطباء- لوجه في براءة الأطفال مضعضع محطم ممزق الشفة و مخلوع الفك مع إصابة كبيرة أسفل الجمجمة مما نتج عنه منظر الدم المتسرب من ظهره، كان أول رد فعل هو البكاء مع الشعور التام بأن النهاية اقتربت لكل من فعل ذلك ، الصورة تعبر عما يحدث لشعب ارتضى الظلم و الذل لينال الأمن والخبز ففقد كل شئ و الآن يقتلون أولاده بلا رحمة تحت منزلهم بلا دليل و بلا حماية و بلا نخوة من المشاهدين لهذه الوساخة ، من يهن يسهل ا لهوان عليه.. ما لجرح بميت إيلام.

و انتشر الجروب بعد الصورة البشعة و استمررت في البكاء أسبوع كامل كلما تذكرت الصورة و تخيلت عظامه و هي تنفجر و عروقه تنز الدماء على الطريق و الشارع الذي يعلم ما يحدث و يصمت و الفتى الوحيد المسكين الذي تحطمت أسنانه و انخسفت جمجمته في ثوان على يد زبانية و أغوات يحكمهم و يعينهم أوسخ خلق الله من اصغر ضابط لأكبر رتبة للمسئول السياسي عن المنظومة المنحطة لبلد فقد الإحساس بالإنسان تماما و بلا خجل.

انتشر الجروب كالنار في الهشيم و بدأت الاتهامات و الصوت العالي و الدفاع المقيت من الضابط و الأمناء المطمئنين في منازلهم ، ظننت خيرا بمصر و اعتبرت ان مسألة قتلهما على يد شخص يعرف الله أو يدرك حرمانية دماء الإنسان و جسده و بشاعة التمثيل به مسألة وقت لا ا كثر ، و لكن بلغت ضحالة الشارع و الشيوخ و قادة الإعلام حدا من البلادة غير مسبوق و لا متصور و لم يحدث شئ.



ظننت و بعض الظن إثم ان أيام النظام صارت معدودة و انه يلفظ أنفاسه الأخيرة و انتظرت شهرا و شهرين و لم يحدث اي شئ فأيقنت ان مصر ماتت و أهلها ميتون، ورغم حراك بعض من شبابهم الذي رأي كل منهم وجهه في وجه خالد فالمصير مظلم ،فعندما يحدث مثل ذلك في بلد ولا تنتفض كلها و يتم سلخ الفاعل علنا عيانا بيانا - كما كان ليحدث مثلا لو كان خالد صعيديا- فقد كتب عليها الله الذل والمسكنة و باءت بغضب منه و عذاب اليم و هو ما حدث.. كما ظهر بأجلي الصور في حوادث عدة و من ثم حادثة القديسين ، و لكن و بعد بضعة اشهر و سبحان صاحب الامر...

تسبب خالد سعيد في ثورة عجيبة غريبة متفردة و لو بعد حين ..قام أجمل ما في شعب مصر ليرسم طريق العبودية لله وحدة و ليس لشريطة او دبورة يضعها وضيع حقير على كاب أو ذراع و يتجبر به على خلق الله .. طريق مصر الحرة الأبية التي تأبى على أولادها الذل الآن و فيما بعد ان شاء الله.. رسم وجه خالد المشوه غد لمصر لا يقتل فيها أبناؤها بلا ثمن و لا جريرة و لا حساب و لا عدل.. رسم فك خالد المعوج الطريق المستقيم للحق والقصاص حتى ولو لم يتحقق اليوم و لكن كما ذكر الله في كتابه الكريم ان نصر الله حقا للمتقين المخلصين ،وليس لأصحاب ا لذقون والصوت العالي المستغلين والبائعين الشارين لكتاب الله ،و المصدرين لفتاوى تحرم السياسة عند الوغى و تحللها عند المغانم.. العزة للجماعات التي نذرت نفسها لله ،و ليس للحكم و السياسة، حتى اذا جاء المغنم اتفقوا مع سليمان و غيره من اعوان السلطان و تركوا الميدان و تآمروا على الشباب الغلبان و فرقوا الصف و حطموا التوحد السياسي الجميل بعد تدخلهم فيه عند ضمان المغانم -و لله فيهم آيات بينات عمن يحضرون عند النصر ليقولوا الم نكن معكم؟ - ولكن حسابهم على الله جميعا و نجعله في نحورهم و نحور من غواهم بإذن الله.

و نعود فنتساءل، هل يشك احد منا في يد الله التي ظللتنا حين اتحدنا و تركتنا لأنفسنا حين تركناها للنظام و أصحاب النظام وأعوان النظام و حتى الآن وبعد سنة و بعد ثورة غيرت وجه العالم لم يتم حساب أمناء الشرطة و الضابط و رؤساءه حتى اكبر رأس و كلهم مسئول تماما ، و لو تم إعدام لواء واحد فقط لمسئوليته الجنائية عن تعذيب ضباطه للناس ،لحرصوا و كانوا احرص الناس على أرواح الناس، لكن الحاصل هو ترقية كل من يريق دماء هذا الشعب و يستذله حتى تعلم الصغير من الكبير ان الطريق إلي الأعلى يمر عبر انتهاك أجساد و كرامة المصريين.

لقد وقف الله بجانبنا حين وقفنا بجانب الحق و بجانب لا الله إلا الله ،و عندما تخمر الغضب في صدور من رأي خالدا فغضب و ثار و بكى و انتوى الخير كوفئنا بوقفة أعادت للذليل العزة وللكسير الجبران و للشعب المنكفئ إحساس الرجال و فخر المنتصرين و إيمان من يعلم الآن انه يستطيع ان يذل الكبير و يكسر المنيع و يحطم الثوابت و يعيد تركيب الكون كما يشاء، يعرف هذا الشعب الان انه حقا و صدقا خير شعوب الارض عند تحرره من الكلاب و الذئاب و الدواب حاملة الاسفار الكاذبة، 18 يوما لم يقتل الشعب احدا و هم مستحقون للقتل تماما ، و لا تحطمت كنيسة و لا جامع و لا اوذي احدا بلا رقابة ولا حكم و لا دولة ،و اثبت الشعب انه الدولة والحكمة والتاريخ و البناء و القدرة الخلابة ، قال الشعب قولته و رمى بياضه و رأي نفسه في مرآة التاريخ و عوضه الله عن الذل و المهانة التي استحقها بموافقته على التنازل عن حريته و عقله لبعض العسكر الذي خلعوا فاروقا ليكونوا الصورة الاوسخ لفاروق فيجعلوا من مصر بلدا محتلا جاهلا ذليلا شحاتا فقيرا حقودا حسودا ، و تم لهم ما ارادوا ،ولكن الله اراد ان يرينا اننا خير من ذلك و اننا افضل الناس لو تركت لنا مقاليد الامور بحرية و كرامة . رسم لنا الله الطريق ، فلعنة الله على من تعرض عليه الحرية و يعاد له القلم ليرسم نفس الرسمة المشوهة و يقبل بحياة بلا حرية و بلا عقل مرة اخرى.

فليحذر الذين يعتقدون ان الشعب قابل لإعادة إنتاج جين الذل فيه، ليس من سمع كمن رأي و من جانبي ، و بناء على إحساسي العجيب بالفخار و العزة والإيمان و الرفعة بعد انكسار الشرطة القذرة - و ليس حديثي موجها للأطهار فيهم فهم فوق رؤوس الجميع ،و ألف رحمة على من مات و هو يؤدي واجبه و لم يهن أخ له أو أخت- انكسارا تحاكت به الأرض بوصفه أول جهاز ينسحب كاملا من الصورة ليترك شعبه بعد ان أنهى ذخيرته في قتل الكبير و الصغير و من يعارض و من يشتري الفول و من يعدو هاربا و من يأتي مغامرا.. و بذا أثبتت الشرطة المصرية بشكل عام أنها أوسخ ناس إلا من رحم ربي.. و الآن يحاولون العودة إلي الوراء و لكن أحدثكم حديث التاريخ ان المصير اسود و ان كل من قتل سوف يقتل أبشع قتلة و سوف ينكل به و بمن له اذا لم يستقم الميزان الآن بالذوق، التاريخ لا يكذب و لكن انتم تكذبون..
قمنا بثورة لوجه خالد المظلوم الذي لم يكن جائعا و لا فقيرا و لا محروما و لا مجرما و لكن كان مصريا رخيص الدم و العرض و المال و الذمة فلم يحمه احد من شارع بأكمله يراه و يعرفه ،و لا اخذ حقه قانونا و لا قضاء و لا عدلا و لا حتى إشفاقا ..

سوف يطاردكم دم خالد و سوف تقتلون شر قتلة قريبا جدا.. قام الشعب بثورته السلمية و جاء وقت الثورة التي لا تبقى و لا تذر .. مع أسفي الشديد فقد كان يمكن ان تمر بمن مات فقط و نبدأ صفحة جديدة ، لكن و مثل فرعون لن يؤمنوا إلا عندما تبلغ المياه فاهم فتغرقهم و من استخف بالحق معهم و ربما الكثير من الأبرياء أيضا ، و أصدقكم القول انه من الأفضل ان نموت و نحن نحاول ان نعيش بدلا من ان نموت و نحن أموات بالفعل...



خالد.. لقد ظلمت ليسود العدل و قتلت لنحيا الكرامة و ذهبت و لكن سوف تبقى أبدا خالد و سعيدا بأمر من خلقك وكرمك و كرمنا فسمحنا لمن هم دونه ان يستعبدونا فأهاننا الله و تركنا لأنفسنا ولمشايخ السوء الذي يدعون عبادة الله وحده فإذا قتل الأبرياء خرست السنة السوء و أصابها الصمت المريب - رضا منهم بعبادة السلطان و سيفه و ذهبه الذي لوث كل حديثهم و تصرفاتهم- و فجأة يشيع الكلام عن فلسطين و عذاب اليهود لأهلها و لا يذكر احد منهم جيرانهم و إخوانهم في ذات البلد الذين في السجون معذبين، فلا دنيا و لا دين لمن يهان أهلهم وسطهم و لك يا خالدا السلام و عليك سلام ممن لا يغفل و لا ينام و الجزاء عنده و الحساب لديه و هو عزيز مقتدر

آسفين يا خالد..

No comments: